أى الشرائع يريدون ؟!!
هناك الكثير ممن تحدثه عن تطبيق الشريعة الإسلامية يحاول أن يقنعك بأن هناك شرائع متعددة!! فهناك شريعة الخوميني في إيران ، وشريعة النميري في السودان ، وشريعة أفغانستان، وشريعة الوهابيين في السعودية ، فأي شريعة من هذه الشرائع يريدها التيار الإسلامي ؟ ولماذا؟ وإذا كانوا لم يتفقوا على شريعة فيما بينهم فكيف يدعوننا إلى أمر مبهم لم يتفقوا على مضمونه بعد؟
فى حقيقة الأمر ليست هناك شرائع متعددة إنما هي شريعة واحدة بعث الله بها نبيه محمدا وألزم أتباعه بالحكم بها والتحاكم إليها إلى قيام الساعة ، ولكن هذه الشريعة تشتمل على نوعين من الأحكام :
- أولها ..المحكم :وهو ما كان موضعا لدليل قاطع من نص صحيح أو إجماع صريح.
- والثاني ..المتشابه :وهو ما تفاوتت فيه الاجتهادات وتعددت فيه الآراء لعدم قطعية أدلته ثبوتًا أو دلالة .فالأصول الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع هى الشرع المحكم الذي ليس لأحد خروج عنه ولا منازعة فيه من شذ عنه فقد شذ إلى النار ، ومن فارقه فقد فارق الجماعة وافتتح باب ضلالة ، أما ما وراء ذلك من الاجتهادات فهي الشرع المؤول والأصل هو المقابلة بينها لاختيار أقواها حجة وأرجاها تحقيقا لمصالح المسلمين ، ومنها ما تتغير في الفتوى بتغير الزمان والمكان والأحوال ، ولقد كان للشافعي مذهب في العراق وأصبح له مذهب في مصر، ولكن هذا التغيير ضمن قواعد وأطر منضبطة يعرف ذلك المتخصصون، وليس لمجرد الهوى والتشهي ..
وعلى هذا فالإسلام الذي ننشده وينشده كل مسلم هو إسلام الكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة، هذا هو المحكم الذي لا جدال فيه ولا مماراة ، أما ما وراء ذلك من الظنيات والمتشابهات، فهو من موارد الاجتهاد التي لا يضيق فيها على المخالف ، ولأهل العلم في كل عصر أن يرجحوا ما تقتضيه الأدلة ويحقق المصلحة ، ولا حرج أن تتفاوت هذه الاجتهادات من قطر إلى آخر حسبما تقتضيه المصلحة ويرفع الحرج عن المكلفين، بل و أن يعاد النظر فيها من حين لأخر كلما طرأت ظروف وتجددت أحوال تقتضي هذه المراجعة حتى تبقى دائما في هذا الإطار.
فلسنا ملزمين باجتهاد بعينه من هذه الاجتهادات ، ولا بتجربة بعينها من هذه التجارب ، ولكن يقال :ما ثبت حكمه بدليل قاطع من الكتاب أو السنة أو الإجماع فهو شريعة محكمة لا يحل لأحد أن ينازع فيه كائنا من كان لقوله تعالى :
"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا " النساء :115
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا " الأحزاب: 36
وما كان من مسائل الاجتهاد فلعلماء كل دولة أن يقابلوا بين الآراء المختلفة لاختيار ما ترجحه الأدلة ، وتتحقق به المصلحة ولا تثريب عليهم في ذلك ولا حرج ، مادام هذا الاجتهاد قد صدر من أهله وعلى و جهه .
والعجيب أن يجعل بعض الناس من مثل هذه المرونة والتوسعة مادة للتشويش وتوجيه الإتهامات والهجمات للشريعة الإسلامية وهي بذاتها من أعظم حسنات هذه الشريعة ومن عوامل خلودها ووفائها بمصالح العباد في مختلف الأزمنة والأمكنة حيث تستطيع الأمة أن تقتبس من هذه الاجتهادات في كل عصر ما يرجحه الدليل وتقتضيه المصلحة بواسطة أهل الحل والعقد من علمائها الثقات العدول ، فهو بذاته رحمة بالأمة وسعة عليها ، إذا ضاق عليها الأمر في مذهب التمست السعة في مذهب آخر ، يحدوها في ذلك قوة الدليل وكفالة المصلحة ولا حرج عليها في ذلك ولاتثريب.
ولقد شهد بهذا المعنى المنصفون من غير المسلمين ففي المؤتمر الثاني للمجمع الدولي للحقوق المقارنة الذي عقد في كلية الحقوق بجامعة باريس تحت اسم (أسبوع الفقه الإسلامي ) قرر المؤتمرون فيما قرروا في نهاية المؤتمر أن اختلاف المذاهب الفقهية في هذه المجموعة الحقوقية العظمى ينطوي على ثروة من المفاهيم والمعلومات ومن الأصول الحقوقية ، هي مناط الإعجاب ، وبها يستطيع الفقه الإسلامي من أن يستجيب لجميع مطالب الحياة المدنية ، ويأملون أن تؤلف لجنة لوضع معجم للفقه الإسلامي.[1] .
ومن ناحية أخري فإن هؤلاء العالمانيين القائلين بهذه الشبهة يكيلون بكيلين ويزنون بمعيارين ، فعندما يتحدثون عن الإسلام يشغبون عليه باختلاف مذاهبه وتعدد تجارب تطبيقه ، وعندما يتحدثون عن مذاهبهم الوضعية وعقائدهم السياسية لا يكادون يتفقون على تعريف محدد لما ينادون به من هذه النظريات ، ولا يجدون في تعدد مدارسها وتباين مذاهبها مانعا يمنع من تطبيقها ، أو يثني عزمهم عن المناداة بها والدعوة إليها؟
فالعالمانيون أنفسهم يقرون أنه لا يوجد مفهوم واحد في تطبيق العلمانية فالعلمانية في بريطانيا مختلفة عنها في فرنسا ، وكلتاهما مختلفتان عن العلمانية في البلاد الأخري التي تأخذ بها ، وهذا شأن الديموقراطية التي تختلف من بلد إلى آخر ، في انجلتر الملك هو رأس الدولة ورأس الكنيسة معا ، ولكنه لا يملك الحكم ، وفرنسا تفصل الدين عن الدولة فصلا تاما ، وهكذا ..[2].
وإذا كان هذا الشأن في العلمانية التي ينادي بها هؤلاء العالمانيون ، فلماذا لم يجعلوا من تعدد مدارسها وتباين نظرياتها مانعا يمنع من الدعوة إليها ، وحائلا يحول دون صلاحيتها للتطبيق كما يريدون أن يشوشوا بذلك على الإسلام ؟ وما بال الإسلام وحده هو الذي يكال له بهذا المكيال الظلوم ؟! أليس هذا هو التطفيف الذي نعاه القرآن على أصحابه يقول تعالى :"ويل للمطففين (1)الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون (2)وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون (3)ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون (4)ليوم عظيم (5)يوم يقوم الناس لرب العالمين (6)" المطففين
ومن ناحية أخرى فإن أغلاط التطبيق وتجاوزات الممارسة لا تحسب في عداد العقلاء المنصفين على الشريعة في ذاتها وإنما يحاسب عنها من تولى كبرها ،فخطأ التطبيق لا يعنى مطلقا عدم صلاحية الشريعة للمكان والزمان فإذا كان التطبيق عن خطأ وحسن قصد ولم يكن مرده إلى إهمال أو تفريط فهو في نطاق العفو إن شاء الله ، وما كان منها عن أهواء واستبداد فهو من الجرائم التي تستوجب المساءلة والعقوبة في الدنيا والآخرة..
هذا وإن كثيرا ممن ذكرت من التجارب التى تنسب إليها أخطاء تطبيق الشريعة لم يكن لهم توجه جاد إلى تطبيق الشريعة ، ولا أحسب ذلك يخفي على أحد !!
بقليل من التصرف مقال "أى الشرائع يريدون؟!" من كتاب
"المحاورة ..مساجلة فكرية حول قضية تطبيق الشريعة" د.صلاح الصاوى
الصفحة الرئيسية لحملة اعرف شريعتك من هنا
مراجع اعتمد عليها الكاتب:
- مشاكلنا في ضوء الإسلام. د. عبد المنعم النمر : 37 .
- الإسلام والعالمانية وجها لوجه. د.يوسف القرضاوي: 85 .
انا اللي اعرفه
ردحذفان في شريعة واحدة بس
هي شرع الله اللي انزله علي صفيه وحبيبه محمد صلي الله عليه وسلم
لكن ايران وافغانستان وتركيا علي السودان او هونولولو دول
سياسات مش شرع
يا صديقي االاعلام الفاشل دائما يحاول يرهب الناس ويشتتهم بالكلام عن الشريعه ,هذا الاعلام الفاشل دائما يركز علي التجره الافغانيه والايرانيه وذلك بغية ترهيب الناس من تطبيق شريعة الله !!
ردحذفلكن يا صديقي كل المعارك التي خاضها هذا الاعلام الفاشل خسرت وستخسر ان شاء الله كل محاولاتهم الغبيه
اهنئك على الموضوع والكلمات الرائعة
ردحذفواتمنى منك المزيد دائما
وكل عام وانت بخير بمناسبة شهر رمضان الكريم
صدمتني المقدمة .. ولكن عجبني الموضوع
ردحذفربما كانت هذه هي زيارتي الأولي لهذه المدونة .. ولكنها حتماً لن تكون الأخيرة
فالمرء يقابل أحياناً من يظن في نفسه القدرة على التدوين .. وهم كثير
ولكنه يأتي عليه يوم - مثل هذا اليوم - يقابل فيه من يلتهم كلماتهم المكتوبة التهاماً
شكراً لك على العرض الرائع :)
شكرا ع الموضوع
ردحذفشكرا لموضوع بالتوفيق دائما
ردحذفلقد أدخلنا السياسة للدين فمتى ندخل الدين للسياسة
ردحذفلقد أدخلنا السياسة للدين فمتى ندخل الدين للسياسة
ردحذفمفيش الا شريعة واحدة و هي شريعة الله
ردحذفجزاك الله خيراً على الموضوع
ردحذفاتمنى دوام التواصل ان شاء الله
تحياتى لك
well done
ردحذففعلا المقدمة صادمة ولكن الموضوع رائع
ردحذفاشكرك
موضوع رائع جدا
ردحذفشكرا لكم
شكرا يا صديقي على هذا الموضوع الرائع ..
ردحذفانما في مسألة الدين انا اعتقد من اراد الهداية للحق
وسعى لذلك فأن الله سيهديه إليه وإلى طريق النور .. فالمرء لا يتكل على اعماله بقدر ما يتكل على مدد الله سبحانه في هدايته إليه وإلى حقيقة الدين الاسلامي ..
شكرا لك ..
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
ردحذفاولا اخى جزاكم الله خيرا على هذه المقاله الرائعه والتى هى من فتح الله عليك اسال الله العظيم ان يجعلها فى ميزان حسناتك
وان يرد المسلمين اليه ردا جميلا وان يحكم فينا شرعه قبل ان نلقاه
عالم الوظائف
جزاك الله خيرا
ردحذفموضوع رائع فى انتظار الجديد دائما
إن تكلمنا عن الشريعه وتنفيذها فهذا شيء ضروري ولابد منه ولكن الفكر الغبي الذي يخوف الناس منها لا يستحق أن يعيش من الاساس
ردحذفوهل بعد شرع الله شريعه ....
ردحذفسنطبق مع أمرنا الله به فى كتابه وأحاديث نبيه
سلمت يدالك اكثر من رائع ومنتظرين المزيد ان شاء الله
ردحذفشريعة الله كما نزلت
ردحذفبالتوفيق للجميع
ردحذفشكرا على المقال الرائع جدا
ردحذفشكرا على المقال الرائع جدا
ردحذفموضوع رائع الف شكر
ردحذفالف شكر
ردحذفموضوع رائع
ردحذفشكرا لك مقالة مفيدة وبارك الله فيك
ردحذفشكرا على المعلومات المفيدة
ردحذفبارك الله فيك و جزاك كل الخير
بالتوفيق ان شاء الله..,