عندما سرق الليل عينيها!
كان المنظر فى الخارج شديد الرومانسية ، إذ بطائرين يتبادلان الحديث ، ظلا يغردان طول الوقت، أعتقد أنهم جاؤوا على متن سفينة أو ما شابه ، وغرد صوتها " كم هو رومانسى أليس كذلك؟!" قلت "نعم!".
ومن بقايا ما أذكره عن الخمس دقائق الأخيرة على طاولة المائدة، أن الشموع أضيئت من جديد، بلا سبب!
ففى الداخل أشرقت الغرفة القرمزية اللون بالأضواء مجدداً ، وانتابتنى رغبة فى النظر مباشرة إلى عين كل شخص ، وأيضا فى أن أتجنب العيون كلها، إلاعينها قد أسرتنى كما أسرت وأرهقت عقول الكثير من حولى!
وينطبق عليها قول الشاعر السعودى ناصر السعيد:
سوادُ الليلِ فيْ عينيكِ ارهقَني
فأسهَرني بليلٍ كُلهُ أرَقُ !
ضمت وجهها بين يديها وكأنها تتحسس شكله الجميل أم انها تخبىء عينيها من نظرات المحيطين ؟! ، تحركت عيناها تدريجيا لتستكشف نظرات المحيطين ، ولاحظت اضطراب مشاعرها!
خرجت مسرعة إلى الشرفة ونظرت إلى الهواء العليل الذي يحرك الأشجار فتصدر صوتاً متناغما كصوتها تماماً
لقد كان وجهها مألوفاً لدى منذ رأيتها فى المرة الأولى ، وكأنى رأيت شخصاً اعرفه منذ الطفولة، اشعر فيه بالأنس ، والأصالة ، وأرى فى سواد عينيها ذكريات الماضى الجميل.
منذ الحظات الأولى التى رأيتها ومن أول حديث دار بيننا ....وقد علمت أنى لن استطيع ان أنجو منها أبداً! فكيف للقاء واحد او حديث بسيط أن يزرع هذا الحشد الهائل من المودة والإهتمام!؟ هل كانت الأرواح تتعانق فيما بينها ؟؟ أم أنه حديث القلوب والعيون؟!
على الرغم من عفويتها .. إلا أنها متزنة .. فكرها أنيق عقلها مرتب ، لا هى كالشباب الأهوج ولا هى بسذاجة الأطفال!
يقول شمس الدين التبريزى " إن صادفت يوماً .. إنسانا حقيقياً.. فلا تدعه يغيب عن أفق الروح أبداً..."
إلا انه دقت ساعة منتصف الليل ، وحان الوقت للرحيل!
إبراهيم سماحه

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ..ق18