الخميس، 1 فبراير 2024

عطاء الله !

 عطاء الله !


 ما أروع قول الله تعالى "ولسوف يعطيك ربك فترضى" الآية 5 سورة الضحى فلا يعدك ربك بالعطاء فقط وإنما العطاء حتى الرضا!

تقول مُزدانَةْ "عطاء الله مُدهِش.. وعوض الله عزيز! لا حدَّ له ولا مُنتهى فلا أحد ييأس ويستصعب شيء أمام قدرة الله، إذا جعلك تصبر كثيرًا تأكَّد أنَّك ستنال ضعف ما كنت تتمنَّى وستندهش من كرمه"

ويقول بن القيم رحمه الله فى كتابه الماتع : طريق الهجرتين وباب السعادتين: اللَّه سبحانه يعلم ولا تعلم، ويقدر ولا تقدر، ويعطيك من فضله  لا لمعاوضة ولا لمنفعة يرجوها منك، ولا لِتكثُر بك، ولا لِتعزز بك؛ ولا يخاف الفقر، ولا تنقص خزائنه على سعة الإنفاق. ولا يحبس فضلَه عنك لحاجةٍ منه إليه واستغناءً به ، بحيث إذا أخرجه أثَّر ذلك في غناه.

وهو يحب الجود والبذل والعطاءَ والإحسان أعظمَ ممَّا تحبّ أنت الأخذ والانتفاع بما سألته، فإذا حبسه عنك فاعلم أنَّك أنت الواقف في طريق مصالحك، وأنت المعوّق لوصول فضله إليك، وأنت حجر في طريق نفسك. وهذا الأمرهو الأغلبُ على الخليقة، فإنَّ اللَّه سبحانه قضى فيما قضَى به أنَّ ما عنده لا يُنال إلا بطاعته، وأنَّه ما استُجلِبتْ نِعَمُ اللَّه بغير طاعته، ولا استُديمتْ بغير شكره، ولا عُوِّقتْ وامتنعتْ بغير معصيته. 

وكذلك إذا أنعمَ عليك ثمَّ سلبك النعمة فإنه لم يسلبها لبخل منه ولا استئثار بها عليك، وإنَّما أنت السبب  في سلبها عنك، فإنَّ اللَّه لا يغيِّر ما بقومٍ حتَّى يغيروا ما بأنفسهم.{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣)} [الأنفال/ ٥٣].فما أُزيلت نعمُ اللَّه بغير معصيته يقول على بن ابى طالب:

إذا كنتَ في نعمةٍ فارْعَهَا ...    فإنَّ المعاصى تُزيلُ النِّعَمْ
وحافظ عليها بتقولى الإله       ...فإن الأله سريع النقم

فآفتُك من نفسك، وبلاؤك منك ، وأنت في الحقيقة الذي بالغتَ في عداوتك، وبلغتَ من معاداة نفسك ما لا يبلغ العدوُّ منك، كما قيل:ما يبلغُ الأعداءُ من جَاهلٍ ... ما يبلغُ الجاهلُ من نفسِهِ.

فعطاء الله كبير وعوضه أكبر وخير دائم النزول الينا، ونحن مغمورون بحنانه ولطفه سبحانه، ما أكرمه. لا تدع المحن تكسر عزيمتك وتثنيك عن النهوض مرة أخرى، ارفع هامتك عاليا وحافظ على نعمه وعطاؤه بطاعته والبعد عن الذنوب والمعاصى التى تزيل النعم!