الأئمة المسلمون وخصائصهم
ظهر المسلمون وتزعموا العالم وعزلوا الأمم المريضة من زعامة الإنسانية التي استغلتها وأساءت عملها ، وساروا بالإنسانية سيراً حثيثاً متزناً عادلاً ، وقد توفرت فيهم الصفات التي تؤهلهم لقيادة الأمم ، وتضمن سعادتها وفلاحها في ظلهم وتحت قيادتهم .
أولاً : أنهم أصحاب كتاب منزل وشريعة إلهية ، فلا يقننون ولا يشترعون من عند أنفسهم ، لأن ذلك منبع الجهل والخطأ والظلم ، ولا يخبطون في سلوكهم وسياستهم ومعاملتهم للناس خبط عشواء ، قد جعل الله لهم نوراً مشون به في الناس ، وجعل لهم شريعة يحكمون بها بين الناس . قال تعالى (إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ) يوسف 40
ثانياً : أنهم لم يتولوا الحكم والقيادة بغير تربية خلقية وتزكية نفس ، بخلاف غالب الأمم والأفراد ورجال الحكومة في الماضي والحاضر ، بل مكثوا زمناً طويلاً تحت تربية محمد صلى الله عليه وسلم وإشرافه الدقيق يزكيهم ويؤدبهم ويأخذهم بالزهد والورع والعفاف والأمانة والإيثار على النفس وخشية الله وعدم الاستشراف للإمارة والحرص عليها .وإذا تولوا شيئاً من أمور الناس لم يعدوه مغنماً أو طعمة أو ثمناً لما أنفقوا من مال أو جهد ، بل عدوه أمانة في عنقهم وامتحاناً من الله ، ويعلمون أنهم موقوفون عند ربهم ومسئولون عن الدقيق والجليل ، وتذكروا دائماً قول الله تعالى :"إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ " النساء 58 وقوله :"وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ "الأنعام 165.
ثالثاً : إنهم قاموا ليخرجوا الناس من عبادة العباد جميعاً وإلى عبادة الله وحده ، كما قال ربعي بن عامر رسول المسلمين في مجلس يزدجرد :"الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ،ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام" فالأمم عندهم سواء والناس عندهم سواء ، الناس كلهم من آدم ، وآدم من تراب ، لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى :"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"الحجرات 13.
وقد قال عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص عامل مصر- وقد ضرب ابنه مصرياً ، وافتخر بآبائه قائلاً :خذها من ابن الأكرمين ، فاقتص منه عمر:- متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً .
فلم يبخل هؤلاء بما عندهم من دين وعلم وتهذيب على أحد ، ولم يراعوا في الحكم والإمارة والفضل نسباً ولوناً ووطناً ، بل كانوا سحابة انتظمت البلاد وعمت العباد ، وغوادي مزنة أثنى عليها السهل والوعر وانتفعت بها البلاد والعباد على قدر قبولها وصلاحها.
في ظل هؤلاء وتحت حكمهم استطاعت الأمم والشعوب –حتى المضطهدة منها في القديم- أن تنال نصيبها من الدين والعلم والتهذيب والحكومة ، أن تساهم العرب في بناء العالم الجديد بل إن كثيراً من أفرادها فاقوا العرب في بعض الفضائل .
رابعاً :- لا يمكن أن توجد المدنية الصالحة البتة إلا إذا ساد وسط ديني خلقي عقلي جسدي يمكن فيه للإنسان بسهولة أن يبلغ كماله الإنساني ، وقد أثبتت التجربة أنه لا يكون ذلك إلا إذا كانت قيادة الحياة وإدارة دفة المدنية بيد الذين يؤمنون بالروح والمادة ، ويكونون أمثلة كاملة في الحياة الدينية والخلقية ، وأصحاب عقول سليمة راجحة ، وعلوم صحيحة نافعة ، فإذا كان فيهم نقص في عقيدتهم أو في تربيتهم عاد ذلك النقص في مدنيتهم ، وتضخم وظهر في مظاهر كثيرة ، وفي أشكال متنوعة ، ويمتاز أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم كانوا جامعين بين الديانة والأخلاق والقوة والسياسة ، وكانت تتمثل فيهم الإنسانية بجميع نواحيها وشعبها ومحاسنها المتفرقة في قادة العالم ، ولقد جمعوا بين مصالح الروح والبدن وكان لهم استعداد مادي كامل وعقل واسع فساروا بالأمم الإنسانية إلى غايتها المثلى الروحية والخلقية والمادية .
وكذلك كان ، فلم نعرف دوراً من أدوار التاريخ أكمل وأجمل وأزهر في جميع هذه النواحي من هذا الدور ، دور الخلافة الراشدة فقد تعاونت فيه قوة الروح والأخلاق والدين والعلم والأدوات المادية في تنشئة الإنسان الكامل , وفي ظهور المدنية الصالحة . كانت حكومة من أكبر حكومات العالم ، وقوة سياسة مادية تفوق كل قوة في عصرها .
الباب الثالث - الفصل الأول
طبقا لامتحانات السنة الاخيرة من كلية الطب
ردحذفتمنعنى من الجلوس على الانترنت
لذلك اعذرونى فى التأخير فى الرد على الردود
وشكرا لمن سال للإطمئنان...ويمكنكم متابعتى على حسابى على الفيس وعلى تويتر الموجودين بيسار الشاشة...حينما ادخل من الموبايل اكتب تويترات او كلمات قصيرة..
فى أمان الله
السلام عليكم..
ردحذفربنا يوفقك في الامتحانات يا دكتور.
سلمت يداك على ما كتبت.
تقبل تحياتي..
حمدا لله على السلامة و ربنا يوفقك يا دكتور
ردحذفمحمد عمارة
شكراً لك على هذا العرض القيم
ردحذفجزاكم الله خير
ردحذفالله ما زيد من علامئنا
ردحذفمقال رائع
ردحذفافادكم الله
ردحذفشكرا على هذه التدوينة المفيدة
بالتوفيق ان شاء الله
الاسلام قادم ليحكم العالم
ردحذفبهاء طلعت
ردحذفوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
العفو يا فندم وبارك فيكم..
اللهم أمين
أ.محمد عمارة
ردحذفالله يسلم حضرتك
اللهم امين
أ.محمد الجرايحى
ردحذفالعفو يا فندم
الصحيفة الصادقة
ردحذفجزانا واياكم كل خير
أخبار - أهرام
ردحذفاللهم آمين
Umzug Wien
ردحذفالفضل يحسب لكاتب الكتاب الاستاذ ابو الحسن الندووى رحمه الله..شكرا لكم على مروركم
كايرو دراما
ردحذفأفادنا الله وإياكم نورتنا
اسعار العملات
ردحذفبالفعل الله يبارك فى حضرتك
نورتنا