أمم العصر المريضة!
ظهرت الحضارة الغربية في أمة لم يكن عندها معين صاف ولا نبع عذب للحكمة الإلهية ، لقد كان فيها قادة الدين ولكن لم يكونوا أصحاب حكمة ولا علم ولا شريعة إلهية ، ولم يكن عندهم إلا شبح ديني لو حاول أن يسير بالنوع الإنساني على صراط مستقيم في طرق الفكر والعمل لما استطاع ، ولم يكن له إلا أن يكون حجر عثرة وسداً في سبيل ارتقاء العلم ، والحكمة ، وهكذا كان ، وكان عاقبة ذلك أن الذين كانوا يريدون الرقي نبذوا الدين بالعراء ، واختاروا طريقاً لم يكن دليلهم فيها إلا المشاهدة والاختبار والقياس والاستقراء ، ووثقوا بهذه الدلائل التي هي في حاجة بنفسها إلى الهداية والنور ، وجاهدوا واجتهدوا باحتذائها في طرق الفكر والنظر والتحقيق والاكتشاف والبناء والتنظيم ، ولكن ضلت خطوتهم الأولى في كل جهة وفي كل مجال،
وانصرفت فتوحهم في ميادين العلم والتحقيق ، ومحاولاتهم في سبيل الفكر والنظر إلى غاية لم تكن صحيحة ، إنهم بدأوا وساروا من نقطة الإلحاد والمادية ، نظروا في الكون على أنه ليس له إله ، نظروا في الآفاق والأنفس على أنه لا حقيقة فيها إلا المشاهد والمحسوس ، وليس وراء هذا الستار الظاهر شيء ، إنهم أدركوا نواميس الفطرة بالاختبار والقياس ولكنهم لم يتوصلوا إلى فاطرها ، إنهم وجدوا الموجودات مسخرة واستخدموها لأغراضهم ، ولكنهم جهلوا أنهم ليسوا سادتها ومدبريها ، بل هم خلفاء سيدها الحق ، فلم يروا أنفسهم مسئولين عنها ، ولم يروا على أنفسهم عهدة وتبعة ، فاختل أساس مدنيتهم وتهذيبهم ، وانصرفوا عن عبادة الله إلى عبادة النفس ، واتخذوا إلههم هواهم ، وفتنتهم عبادة هذا الإله ، وسارت بهم هذه العبادة في كل ميدان من ميادين الفكر والعمل على طريق زائغة خلابة رائعة ، ولكن مصيرها إلى الهلاك.
وانصرفت فتوحهم في ميادين العلم والتحقيق ، ومحاولاتهم في سبيل الفكر والنظر إلى غاية لم تكن صحيحة ، إنهم بدأوا وساروا من نقطة الإلحاد والمادية ، نظروا في الكون على أنه ليس له إله ، نظروا في الآفاق والأنفس على أنه لا حقيقة فيها إلا المشاهد والمحسوس ، وليس وراء هذا الستار الظاهر شيء ، إنهم أدركوا نواميس الفطرة بالاختبار والقياس ولكنهم لم يتوصلوا إلى فاطرها ، إنهم وجدوا الموجودات مسخرة واستخدموها لأغراضهم ، ولكنهم جهلوا أنهم ليسوا سادتها ومدبريها ، بل هم خلفاء سيدها الحق ، فلم يروا أنفسهم مسئولين عنها ، ولم يروا على أنفسهم عهدة وتبعة ، فاختل أساس مدنيتهم وتهذيبهم ، وانصرفوا عن عبادة الله إلى عبادة النفس ، واتخذوا إلههم هواهم ، وفتنتهم عبادة هذا الإله ، وسارت بهم هذه العبادة في كل ميدان من ميادين الفكر والعمل على طريق زائغة خلابة رائعة ، ولكن مصيرها إلى الهلاك.
هذا هو الذي مسخ العلوم الطبيعية فصارت آلة الهلاك الإنسان ، وصاغ الأخلاق في قالب الشهوات والرياء والخلاعة والإباحة ، وسلط على المعيشة شيطان الأثرة والشح والفتك ببني النوع ، ودس في عروق الاجتماع وشرايينه سموم عبادة النفس والأنانية والإخلاد إلى الراحة والتنعيم ، ولطخ السياسة بالجنسية والوطنية وفروق اللون والنسل وعبادة إله القوة ، فجعلها لعنة كبرى للإنسانية .
والحاصل أن البذرة الخبيثة التي ألقيت في تربة أوربا في نهضتها الثانية لم تأت عليها قرون حتى نبتت منها دوحة خبيثة ، ثمارها حلوة ولكنها سامة ، أزهارها جميلة ولكنها شائكة ، فروعها مخضرة ولكنها تنفث غازاً ساماً لا يرى ، ولكنه يسمم دم النوع البشري .
إن أهل الغرب الذين غرسوا هذه الشجرة الخبيثة قد مقتوها ، وأصبحوا يتذمرون منها ، لأنها خلقت في كل ناحية من نواحي حياتهم مشاكل وعقداً لا يسعون لحلها إلا وظهرت مشاكل جديدة ، ولا يفصلون فرعاً من فروعها إلا وتطلع فروع كثيرة ذات شوك ؛ فهم في معالجة أدوائهم وإصلاح شئونهم كمعالج الداء بالداء وناقش الشوكة بالشوكة ، إنهم حاربوا الرأسمالية فنجمت الشيوعية ، إنهم حاولوا أن يستأصلوا الديمقراطية فنبت الدكتاتورية ، أرادوا أن يحلوا مشاكل الاجتماع فنبتت حركة تذكير النساء (Feminism) وحركة منع الولادة ، أرادوا أن يشترعوا قوانين لاستئصال المفاسد الخلقية فاشرأبت حركة العصيان والجناية ، فلا ينتهي شر إلا إلى شر ، ولا فساد إلا إلى فساد أكبر منه ، ولا تزال هذه الشجرة تـثمر لهم شروراً ومصائب ، حتى صارت الحياة الغربية جسداً مقروحاً ، يشكو من كل جزء أوجاعاً وآلاماً ، وأعيا الداء الأطباء ، واتسع الخرق على الراقع ؛ الأمم الغربية تتململ ألماً ، قلوبهم مضطربة وأرواحها متعطشة إلى ماء الحياة ولكنها لا تعلم أين معين الحياة ، إن الأكثرية من رجالها لا تزال تتوهم أن منبع المصائب في فروع هذه الشجرة ، فهم يفصلونها ويستأصلونها من الشجرة ويضيعون أوقاتهم وجودهم في قطعها ، إنهم لا يعلمون أن منبع الفساد في أصل الشجرة ، ومن السفاهة أن يترقب الإنسان أن ينبت فرع صالح من أصل فاسد ، وفيهم جماعة قليلة من العقلاء أدركوا أن أصل حضارتهم فاسد ولكنهم لما نشأوا قروناً في ظل هذه الشجرة – وبأثمارها نبت لحمهم ونشز عظمهم – كلت أذهانهم عن أن يعتقدوا أصلاً آخر غير هذا الأصل يستطيع أن يخرج فروعاً وأوراقاً صالحة سليمة ، وكلا الفريقين في النتيجة سواء ؛ إنهم يتطلبون شيئاً يعالج سقمهم ويريحهم من كربهم ولكنهم لا يعلمونه ولا مكانه.
الأستاذ السيد أبو الأعلى المودودي
تنقيحات ، مقالة أمم العصر المريضة ص 24 – 25 – 26
تنقيحات ، مقالة أمم العصر المريضة ص 24 – 25 – 26
السلام عليكم اخى ابراهيم
ردحذفشكرا لك على الجهد الطيب بارك الله فيك اخى
حفظ الله الامة الاسلامية واعزنا بالحق زايدنا بالايمان
كل عام وانت بخير وصحة وعافية
تحياتى وتقديرى
ردحذفالسلام عليكم:
مقاله جيده..تصف الحال بدقه..
بارك الله بك واعزك أخي العزيز..
كل عام وانت الى الله أقرب
موضوع مميز جدا
ردحذفوظائف خاليه
كل سنة وانت طيب يا دكتور
ردحذفكل سنة وانت طيب
ردحذفبارك الله فيك يا اخى الكريم
ردحذفمقال رائع
ردحذفاقدم لكم أجمل التهاني والتبريكات بمناسبة ذكرى رأس السنة الهجرية الجديدة فعــام مــــبارك ســـــعيد ، علينا وعليكم شـهيد ، وكل عام وأنتم ونحن بألف ألف خير ،
ردحذفتــحياتي لك
ردحذفكل الود والتقدير
دمت برضى من الرحمن
لك خالص احترامي
أتمنــــى لك من القلب .. إبداعـــاً يصل بك إلى النجـــوم ..
أم هريرة:
ردحذفوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
العفو يا فندم وبارك فيكم..
اللهم أعزنا بالاسلام وانصر الإسلام وأعز المسلمين
اللهم أعلى بفضلك كلمتى الحق والدين
كل عام والجميع بخير
بن الإيمان
ردحذفشكرا لك أستاذنا الفاضل
كل عام وحضرتك بخير
محمد يحيى
ردحذفالله يكرمك نورتنا
أ.محمد محمود عمارة
ردحذفوحضرتك طيب يا فندم
هنا وهناك
ردحذفوحضرتك طيب نورتنا
كايرو دراما دوت كوم
ردحذفوبارك فيكم
نورتنا
أخبار - أهرام
ردحذفالفضل ينسب إلى الأستاذ السيد أبو الأعلى المودودي
رحمه الله
تحياتى لك
goulha
ردحذفكل سنة وحضرتك بألف صحة وسلامة وخير
محمد فوزي
ردحذفالله يكرمك يافندم نورتنا