الخميس، 15 مارس 2012

- الإسلام دين ودولة!

الإسلام دين ودولة!
هناك الكثير من الناس يرون تعطيل الشريعة ويجادلون فى صلاحيتها وهذا أمر واقع وليس اتهام بدون دليل أو ادعاء وعلاقة الدين بالسياسة قد تكون حجتهم وهذه من الشبهات الموجودة على الساحة فى الحوار مع أصحاب المذاهب الفكرية الأخرى حتى ان هناك مقولة شهيرة وهى "لاسياسة فى الدين ولا دين فى السياسة"!

قالوا: لاسياسة فى الدين!

قلنا: لم يكن الإسلام يوماً مجرد شعيرة من الشعائر وفقط، ولم يكن يوماً مجرد صلاة وصوم وحج وعبادات وفقط، ولكن الإسلام دين شامل لكل جوانب الحياة فلقد شمل الجانب السياسى والجانب الإقتصادى والجانب الإجتماعى والجانب الأخلاقى..وغيرها من جوانب الحياة المختلفة.

فالإسلام يتعامل مع واقع وأحكام الإسلام تطبق على الإنسان منذ كونه جنيناً ثم الميلاد حتى الممات...فبين الميلاد والممات تصحبك لا إله إلا الله وتصحبك شريعة الإسلام.
والدين كله سياسة ولقد أمرنا أن نسوس أمور حياتنا بديننا "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". الأنعام:162

فالإسلام عقيدة وشريعة وعبادات ومعاملات وإيمان ونظام ودين ودولة(1).

ويقول الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الأزهر فى الفترة من 52-1954 "وفي القرآن أحكام كثيرة ليست من التوحيد ولا من العبادات، كأحكام البيع والربا والرهن والإشهاد، وأحكام النكاح والطلاق واللعان والولاء والظهار والحجر على الأيتام والوصايا والمواريث، وأحكام القصاص والدية وقطع يد السارق وجلد الزاني وقاذف المحصنات، وجزاء الساعي في الأرض فسادا"(2)
وذكر الشيخ آيات تتعلَّق بالحرب والسلم والمعاهدات والعلاقات الدولية.
ثم قال:"وفي السنة الصحيحة أحكام مفصلة في أبواب من المعاملات والجنايات إلى نحو هذا مما يدلك على أن مَن يدعو إلى فصل الدِّين عن السياسة إنما تصور دينا آخر غير الإسلام."(2)

وفي سيرة أصحاب رسول الله -وهم أعلم الناس بمقاصد الشريعة- ما يدل دلالة قاطعة على أن للدين سلطانا في السياسة، فإنهم كانوا يأخذون على الخليفة عند مبايعته شرط العمل بكتاب الله وسنة رسول الله.

وعلى هذا لايجوز للمسلم أبداً أن يسمح لغير نظام الإسلام أن ينظم أى جانب من جوانب حياته لإنه إن فعل ذلك دخل فى نطاق قول الله تعالى "أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" البقرة 85 (3)
****************************
****************************
قالوا: يجب فصل الدين عن السياسة لان السياسة لعبة قذرة!
     أو المقولة الشهيرة الاخرى المكملة للأولى لادين فى السياسة!

قلنا: السياسة القذرة تلك هى السياسة "الغير شرعية" أما السياسة الشرعية فهى السياسة النقية التى تبحث تدبير شئون الدولة الإسلامية من القوانين والنظم التى تتفق وأصول الإسلام وإن لم يقم على كل تدبير دليل خاص (4)
والدين لايمكن فصله عن السياسة،وسياسة بدون دين فى خطر أن تصبح "ميكافيلية" غير أخلاقية،فالدين هو الذى يهذب السياسة،ويوجهها التوجيه السليم (5)

فمصطلح لادين في السياسة تعني: أن السياسة لا دين لها، فلا تلتزم بالقِيَم والقواعد الدِّينية، وإنما هي (براجماتية) تتبع المنفعة حيث كانت، والمنفعة المادية، والمنفعة الحزبية أو القومية، والمنفعة الآنية، وترى أن المصلحة المادية العاجلة فوق الدِّين ومبادئه!(6)

إن السياسة حينما ترتبط بالدِّين، تعني:العدل في الرعية، والقسمة بالسوية،والانتصار للمظلوم على الظالم،وأخذ الضعيف حقه من القوي، وإتاحة فرص متكافئة للناس، ورعاية الفئات المسحوقة من المجتمع كاليتامى والمساكين وأبناء السبيل،ورعاية الحقوق الأساسية للإنسان بصفة عامة.(6)

يقول الشيخ محمد الخضر حسين "فصل الدين عن السياسة هدم لمعظم حقائق الدين ولايقدم عليه المسلمون إلا بعد أن يكونوا غير مسلمين"(2)
********************************
لقد أسس الرسول صلى الله عليه وسلم الدولة الإسلامية ووضع لها النظم الأساسية ثم بعد وفاته هرع الصحابة الى "سقيفة بني ساعدة" لأختيار حاكم يحكمهم بعد رسول الله ثم بدأ الصحابة رضوان الله عليهم فى توسيع رقعة الدولة التى أنشأها،ولم يفعل الصحابة أكثر من أنهم ساروا على الخطة التى بدأها..

لقد كانت دولة الخلافة الإسلامية من أقوى الدول فى العالم على مر 13 قرن من الزمان وكان الغرب يأتى ليتسول على موائد العلم والثقافة لدينا،وأنشأ المسلمون حضارة تغنى بها العالم فى جميع المجالات حتى أن من يذهب إلى مكتبة الكونجرس فى واشنطن وشاهد القبة سيجد لوحة شهيرة في قمتها اسمها "تطور الحضارات" والتي تشمل كل كيان من شأنه المساهمة في بناء الحضارة الحديثة،فذكروا حضارة الصين وذكروا حضارة المصريين القدماء وزكروا ألمانيا وإيطاليا والجدير بالذكر ان كل الامثلة التي ضربتها تلك اللوحة في الاسهامات الحضارية لم يكن فيها ديانة واحدة ..سوى الاسلام!
قبة مكتبة الكونجرس
(من داخل قبة مكتبة الكونجرس- اضغط على الصورة لتكبيرها)

لقد أبدع علماء المسلمين فى جميع المجالات العلمية والغير علمية لقد كانوا علماء موسوعيين وألفوا الكثير والكثير من الكتب التى قامت عليها الحضارة الغربية حديثاً!

وهذا لا يعنى عدم وجود فترات من الخلافات أو المشاكل فى عمر الدولة الإسلامية ولكنها لم تؤثر فى النتيجة بشكل عام..ومن غير المقبول أن نقول أن الإسلام غير قابل للتطبيق كنظام شامل للحياة فخطأ التطبيق لايعنى أبداً خطأ المبدأ نفسه!

د إبراهيم سماحة

الصفحة الرئيسية لحملة اعرف شريعتك من هنا
  1. الشيخ محمد الغزالى من كتاب "أحكام الردة والمرتدين" للدكتور محمود مزروعة ص 292-294
  2.  مؤامرة فصل الدين عن الدولة لد.محمد كاظم حبيب-ص19،21
  3. شريعة الله لاشريعة البشر حتى لاتغرق السفينة.ص45.شحاته صقر.
  4. السياسة الشرعية فى الشئون الدستورية والخارجية والمالية للعلامة الشيخ عبد الوهاب خلاف.
  5. د.عبد السلام العبادى..وزير الأوقاف والشئون والمقدمات الإسلامية بالأردن.
  6. "الدين والسياسة.. تأصيل ورد شبهات"، للعلامة القرضاوي،

هناك 13 تعليقًا:

  1. السلام عليكم
    قرأت قراءة سريعة ولى عودة ان شاء الله للقراءة مرة ثانية والتعليق
    جزاك الله خيرا وبارك فيك

    ردحذف

  2. السلام عليكم:
    جزاك الله خيرا.
    عودة مرة أخرى لمزيد من التفاعل..
    بارك الله بك

    ردحذف
  3. الموضوع ده بقا تحت التجربة الان ياابراهيم
    مش هناقش فشله من نجاحه الان

    الزمن غير الزمن والوقت غير الوقت
    هتقول هو لكل زمان ومكان
    انا معاك بس ده في الشريعة والعبادة
    مش في زمن القوي العظمي هي المتحكم في العالم
    احنا مستعمرين وانت مش واخد بالك
    ولما بتكون مستعمر مابيبقاش لك حق تقرير المصير

    وشوف القوي الكبري عامله ايه في العالم الاسلامي

    انا كتبت بوست اني مابقتش فاهمه حاجة
    وفعلا اي حد يقول هو فاهم حاجة يبقا بيضحك علي نفسه

    نطلع من اللي احنا فيه والعسكر يمشوا
    وبعدين
    رفاهية تقرير المصير دي تيجي بعدين
    واللي عايزه ربنا هو اللي هيكون

    ربنا يكفي مصر شر الانقسام والتناحر علي السلطة

    ردحذف
    الردود
    1. الشريعة والعقيدة شيئان متداخلان..
      فانى كنتى حضرتك تقصدى بان الذى يصلح لكل مكان وزمان فقط امور العبادة او امور العقيدة..
      او مش فاهم ضحرتك تقصدى ايه
      لان كده يبقى الموضوع دخل فى منطقة خطر!!
      ممكن اه نقول ان التطبيق هيبقى ليه اساليب مختلفة انما لايجوز ان نقول ان امور الشريعة التى تسير حياو الناس سواء السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية انها لاتجوز لهذا الزمان او المكان..

      يقول فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى "إياك أن ترد الأمر على الله - سبحانه وتعالى- ولاتقل إن هذه الشريعة لم تعد تناسب العصر الحديث،لإنك بذلك تكون قد كفرت،والعياذ بالله."
      وفيه اقوال تانية لعلماء كثيرين
      بس انا مش حابب اكتر..
      وبرده قد يكون فهمتك بورة خاطئة!

      ثانيا انا مع حضرتك ان احنا فى عصر القوى العظمى
      ومش سايية حد فى حاله ولهم اعين فى كل مكان
      وان كل قرار الدولة بتاخده بيبقى ليه عدة عوامل..

      ولكن هذه القوى تتبع سياسة البرجماتية(المنفعة)
      فمثلا دولة كالسعودية تطبق جزء من الشريعة على الرغم من اعتراضنا على ذلك لانها لاتطبق الشريعة كاملة الا ان القوى العظمة لاتمسها..وهناك امارات فى الامارات كالشارقة مثلا تطبق جزء من الشريع ليس بقليل..


      فالقوى العظمى اهم حاجة عندها المصلحة..

      ثانيا لنفعل ما نقدر عليه لتوعية الناس
      لأن فيه ناس كتير فكرها مش تمام وفيه حاجات كتير عندهم لازم تزال عنها الشبهات وتتناقش معاهم
      وهذا هدف الحملة..
      لان اعداء الداخل اقوى من اعداء الخارج وهم يمثلوا خنجر فى ظهر الامة..وواجب علينا ان نوعيهم ونفهمهم..
      والدستور بيتكتب هتشوفى كل اتجاه فى المجتمع على حقيقته!!

      هنطلع باذن الله ..والعسكر هيمشى وهنكسر وراه تريليون قلة..بس قولى يارب

      حذف
    2. بالإضافة ان تجارب تطبيق الشريعة بتختلف من بلد للتانية وعلى الرغم ان فيه كذا نموذج فى العالم الان لمحاولة تطبيق الشريعة ولكن مصر حظها أفضل إن شاء الله..

      حذف
  4. الشريعة الاسلامية ليست حكم وسلطة واختيار خليفة هى اكبر من كدة كتير

    انا عايز الشريعة الاسلامية التى تقرب الانسان من الدين اولاا واللى بيها الانسان يعرف الدين الذى يؤمن بة ماذا يقول فى العبادة والايمان

    ثم بعد كدة نتكلم عن سياسة الدين عشان زمان كان فى ايمان الان يوجد مسلمين اسما وبس

    اتكلم عن العبادات وجوهر الشريعة الاسلامية

    مع خالص تحياتى

    مع خالص تحياتى

    ردحذف
    الردود
    1. أكيد يا اخ تامر..
      بس الاتنين بيكملوا بعض
      اه فيه جهل فى امور العقيدة
      ودا ان شاء الله يكون فيه مشاريع جديدة فى اسلوب الدعوة وتعليم الناس..
      ولكن أيضاً مأمورون بتحكيم الشريعة فى أمورنا العامة..
      والله المستعان

      حذف
  5. الأمة المسلمة هي التي يحكم الاسلام كل جانب من جوانب حياتها (الفردية والعامة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية)

    إن راية المسلم التي يحامي عنها ، هي عقيدته ، ووطنه الذي يجاهد من أجله ، هو البلد الذي تقام شريعة الله فيه

    لا ترقيع.. ولا أنصاف حلول.. ولا التقاء في منتصف الطريق.. مهما تزيّنت الجاهلية بزي الإسلام، أو ادّعت هذا العنوان..

    ************
    هذه بعض اقوال لشيخ الاسلام سيد قطب
    فانا لست مع الرأى الذى ينادى بفصل الدين عن السياسة ومن قال هذا لا يدرك معنى الاسلام الحقيقى ومعنى (((العبادة )) الخالصة لله التى من اهم مبادئها الاستسلام لكل ما امر به الله والابتعاد عن كل مانهى عنه
    وهذه هى سياسة حياتنا سواء مع افراد او مجموعات او دول كاملة

    الاسلام منهج كامل للمسلم منذ استيقاظه الى ان يلقى برأسه على وسادته ليلا وليس به تعقيدات او صعوبات لكن هناك من لا يدرك المعنى وهناك من يطبق خطأ وكما قلت وتفضلت انت اخى ابراهيم هنا :

    (((وهذا لا يعنى عدم وجود فترات من الخلافات أو المشاكل فى عمر الدولة الإسلامية ولكنها لم تؤثر فى النتيجة بشكل عام..ومن غير المقبول أن نقول أن الإسلام غير قابل للتطبيق كنظام شامل للحياة فخطأ التطبيق لايعنى أبداً خطأ المبدأ نفسه!)


    اذن الخطأ ليس بالشريعة او الاسلام لكن بالعقول التى تتلقى او فى العقول التى تدعى انها مسؤلة عن نشر الدعوة


    جزاك الله خيرا اخى وبارك فى جهودك ويسر لك الامر
    تحياتى لك

    ردحذف
    الردود
    1. جزاكم الله كل خير على الإضافة الجيدة..بارك الله فيكم..

      حذف
  6. بارك الله فيك وأعزك
    وأحييك على هذا المجهود الطيب والقيم تقبل الله منك وجعله فى موازين حسناتك
    اللهم آمين

    ردحذف
    الردود
    1. اللهم آمين..اللهم تقبل منا وإياكم..

      حذف
  7. الحقيقة أن الإسلام لا يعرف هذه القطيعة المدَّعاة بين الدين والسياسة أو بين الدين والحياة، كما يزعم غلاة العلمانيين، والهدف هو إقصاء "الدين" أو "الإسلام"

    ردحذف

مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ..ق18